بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 24 أبريل 2011

التامين الأول عقد إرفاق ومعروف….والثاني يغلب عليه الغرر

الأول عقد إرفاق ومعروف….والثاني يغلب عليه الغرر
لايمانع الشرع من التأمين على الحياة إذا أقيم على أساس التأمين التعاوني (التكافلي) وذلك من خلال التزام المتبرع بأقساط غير مرتجعة ، وتنظيم تغطية الأخطار التي تقع على المشتركين من الصندوق المخصص لهذا الغرض، وهو ما يتناوله عموم الأدلة الشرعية التي تحض على التعاون، وعلى البر والتقوى وإغاثة الملهوف ورعاية حقوق المسلمين، والمبدأ الذي لا يتعارض مع نصوص الشريعة وقواعدها العامة.
ويمكن الحديث عن الفروقات بين التأمين التعاوني “التكافلي” والتأمين التقليدي وفقاً لما يلي:.
1- أن التأمين التقليدي يغلب عليه الغرر فيمكن أن يعبر عنه بأنه هو الغرر بعينه، كما قدمنا عن الباجي، وبالتالي فهو من الغرر الشديد الغالب المحرم، فلا تجيزه الحاجة إلا في ظروف استثنائية.
وأن التأمين التكافلي يخف فيه الغرر، وذلك لعنصر التبرع القائم عليه ومحدودية المؤمنين فتجيزه الحاجة وهذا هو الفرق الأول.
2- أن التأمين التكافلي عقد إرفاق ومعروف لأنه مبني في نيته على التعاون ولهذا يغتفر فيه الغرر كما قدمنا في مسألة :” أعني بغلامك على أن أعينك” في بحث الحاجة.
وكما في مسألة الدينار الناقص والطعام فإن أراد التبايع حرم وإن اراد الإقالة جاز لأنه معروف في بحث الحاجة.
بخلاف التأمين التقليدي فالقصد الغالب فيه التجارة وكسب الربح، ولهذا لا يجوز فيه الغرر، وهذا هو الفرق الثاني.
3- الفرق الثالث أن الغرر في التأمين التقليدي أصل لأن المؤسسة قائمة على كسبها من الحوادث التي لم تحصل بينما الغرر في التكافلي إضافي وتبعي، وقد قدمنا مسألة الظئر والرضيع عن المواق.
- العناصر الأساسية للتكافل
وأهم شيء في شركة التكافل ثلاثة عناصر :
1- عنصر التبرع وهو تبرع للمتضرر من أعضاء الشركة بجزء من الربح أو بالربح بكامله وهذا كما يجوز في المضاربة التبرع بجزء من رأس المال وهذا جائز لأنه يغتفر الغرر في التبرعات.
2- عنصر الشراكة وهو اعتبار كل قسط يدفع إلى الشركة، إنما هو قسط اشتراك وليس مدفوعاً في مقابل.
3- عنصر اتحاد الشخص ذي الجهتين بين المؤمن بصيغة اسم الفاعل والمؤمن بصيغة اسم المفعول سواء أداروا الشركة بأنفسهم كشركة أبدان وأموال، أو أداروها بواسطة جهاز إداري يمارس عملية وكالة بأجر.
أما بالنسبة للفتوى المتعلقة بالتأمين التجاري الذي أجازه المجلس في حالات محددة فإن الفتوى تستند إلى الحاجة الشديدة الناشئة عن الفرض بالقانون، أو الحرج الشديد والمشقة طبقاً لمقولة الشيخ تقي الدين ابن تيمية في حديثه عن الجوائح إن” الشريعة مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم إذا عارضتها مصلحة راجحة أبيح المحرم”.
وهي مبنية من جهة أخرى على الخلاف الذي أسلفنا في مبحث الحاجة والذي يرجح به في العقود الفاسدة.
-توريث المسلم من أقاربه غير المسلمين
يرى المجلس عدم حرمان المسلمين ميراثهم من أقاربهم غير المسلمين ومما يوصون لهم به. وأنه ليس في ذلك ما يعارض الحديث الصحيح: “لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم” الذي يتجه حمله على الكافر الحربي، مع التنبيه إلى أنه في أول الإسلام لم يحرم المسلمون من ميراث أقاربهم من غير المسلمين. وهو ما ذهب إليه من الصحابة معاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان ومن التابعين جماعة منهم سعيد بن المسيب، ومحمد بن الحنفية، وأبو جعفر الباقر ومسروق بن الأجدع، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.
- الوفاء بالعقود
توقيع العقد في أي صفقة ملزم للطرفين شرعا، ولا يجوز لأحدهما أن يرجع فيه بإرادته المنفردة، دون رضا الطرف الآخر، فهذا مخالف لما أمر الله تعالى ورسوله -صلى الله علهي وسلم -، وأكدته نصوص القرآن والسنة.قال تعالى: “يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَوْفُواْ” [المائدة:1] وقال عزوجل: “وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ ٱلْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً” [الإسراء :34]. وقال تعالى:”وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَـٰهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَْيْمَـٰنَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً” [النحل:91].
وحمل القرآن بشدة على الذين يتهاونون بالعهود وينقضونها من بعد ميثاقها، في آيات كثيرة، منها: “إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” [آل عمران:77].
واعتبر النبي -صلى الله عليه وسلم – نقض العهد من شعب النفاق، وخصال المنافق الأساسية “أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها….و ذكر منها : “إذا عاهد غدر “. رواه الشيخان عن عبدالله بن عمرو.
و ليس من الضروري أن يكون العقد مكتوبا، فمجرد الايجاب والقبول مشافهة يكفي في ايجاد العقد، ولكن له خيار المجلس على ما نرجحه، فلو تبين له عقد آخر، وهما لا يزالان في مجلس العقد، فمن حقه أن يرجع، كما جاء في الحديث الصحيح :” البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ” متفق عليه عن ابن عمر. فقد جعل الحديث فرصة للتراجع لمن تسرع في التعاقد دون روية.
و مثل ذلك لو كان مغبونا غبنا فاحشا يرفع أمره إلى جهة تحكيم تثبت له خيار الغبن إذا تبين لها ذلك، عملا بمذهب الحنابلة وغيرهم.
و يستطيع المسلم أن يخرج من ورطة التراجع في العقد بعد إتمامه إذا اشترط لنفسه الخيار أياما معدودة، يستطيع فيها أن يرجع في صفقته خلالها، وهذا ما نصح به النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد الصحابة، حين شكا إليه أنه كثيرا ما يخدع في البيع، فقال له :” إذا بايعت فقل : لا خلابة ” أي لا خداع، وهذا في الصحيحين، وفي خارج الصحيحين :” ولي الخيار ثلاثة أيام ” والمسلمون عند شروطهم.
أما فيما عدا ذلك، فالمسلم يحترم كلمته إذا قالها، وهذه إحدى القيم التي دعا إليها الإسلام، حتى يستقر التعامل، وتستقيم حياة الناس. وقد قال الشاعر :
و لا أقول : (نعم) يوماً، وأتبعها بـ (لا) ولو ذهبت بالمال والولد
بل يحرم الاسلام أن يبيع المسلم على بيع أخيه، أي يدخل عليه وقد أوشك أن يعقد الصفقة مع الآخر، فيزايد عليه، ليختطف الصفقة منه، وفي هذا جاء الحديث الصحيح : ” لا يبيع المسلم على بيع أخيه”.
والله أعلم.
- مدى حق الموظف في استخدام الأدوات العامة لديه لمصلحته الشخصية:
الأصل في المال العام أو شبه العام ونعني به مال الدولة والمؤسسات العامة والشركات الخاصة هو المنع، وخصوصاً أن نصوص الكتاب والسنة قد شددت الوعيد في تناول المال العام بغير حق، وقد جعل الفقهاء المال العام بمنزلة مال اليتيم في وجوب المحافظة عليه وشدة تحريم الأخذ منه،
ويستثنى من ذلك ما تعارف الناس على التسامح فيه من الأشياء الاستهلاكية فيعفى عنه باعتباره مأذوناً فيه ضمناً، على أن لا يتوسع في ذلك، مراعاة لأصل المنع، على أن الورع أولى بالمسلم الحريص على دينه، و”من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه”.
- ضوابط التعامل بين الجنسين: اللقاء والتعاون والتكامل بين الرجال والنساء أمر فطري، ولا يمكن منعه واقعاً، ولم يرد في دين الفطرة ما يحجره بإطلاق، وإنما أحاطه بالضوابط التالية:
ترك الخلوة (وهي وجود رجل وامرأة أجنبية عنه في موضوع لا يراهما فيه أحد) امتثالاً لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: “ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما”.
توقي التماس (وهو التلاصق والتراص بالأبدان بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه) حذر الإثارة والفتنة.تجنب التبرج (وهو الكشف عما أمر الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- بستره من البدن)، إذ يجب على المرأة حين اجتماعها بالرجال غير المحارم أن تستر كل جسدها ما عدا الوجه واليدين، على مذهب جمهور الفقهاء.
التزام المرأة الحشمة في حديثها وحركاتها، فلا تتصنع من الكلام والحركات ما يؤدي إلى إثارة الغرائز، قال تعالى: “إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا” [الأحزاب 32] وقال تعالى: “ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن”.
وعليه، فإذا التزم الرجال والنساء في أي لقاء أو نشاط بهذه الضوابط الشرعية، فلا حرج عليهم في ذلك، ما كان موضوع اللقاء أو النشاط جدياً، سواء أكان علمياً أم ثقافياً ونحو ذلك.
ولا فرق في ضرورة الالتزام بهذه الضوابط بين أن يتعلق الأمر بفتيات مسلمات أو غير مسلمات، لأن الإثارة محتملة في الحالتين، على أن الانفصال في المجلس الواحد في المقاعد بين الرجال والنساء هو الأفضل، خاصة إذا لم تكن هناك حاجة إلى خلافه.
-حكم استفادة الهيئات الخيرية من عوائد الحسابات الربوية من الأفراد والبنوك وما يرتبط بذلك من الدعاية لها، وفتح حساب خاص لهذه الأموال:
عموم المسلمين في الغرب لا يجدون مناصاً من فتح حسابات في البنوك الربوية، ومعلوم أن هذه الحسابات تترتب عليها زيادات ربوية تلحق بحساباتهم، فيجدون أنفسهم بين خيارين:
إما ترك هذه الفوائد للبنك، وفي هذا تفويت مصلحة للمسلمين وربما كانت عوناً لمؤسسات تبشيرية، وإما أن يصرفوها في وجوه الخير العامة، وبما أن الحكم لا يتعلق بعين المال وإنما بطريقة تحصيله أو صرفه، فما كان منه حراماً فحرمته في حق من اكتسبه أو صرفه بطريقة غير مشروعة، فالذي يحرم في شأن هذا المال الربوي هو أن ينتفع به الشخص لنفسه، أما بالنسبة لغيره فلا يكون حراماً.
وبناء على ذلك، فإن المجلس لا يرى بأساً من أن تسأل المؤسسة الخيرية أصحاب هذه الحسابات أن يمكنوها من تلك الأموال، كما لا يجد فرقاً في تحصيل هذه الأموال من أي جهة أخرى كالمؤسسات والبنوك وغير ذلك.
وينبغي للمؤسسة أن تتحاشى ما وسعها ذكر اسم البنك المتبرع على وجه الدعاية له، بسبب عدم مشروعية أصل عمله.ولا مانع كذلك من أن يفتح حساب خاص تودع فيه تلك الأموال.
- وكان من ضمن الاستفتاءات التي أجاب عنها المجلس: مسألة الاختلاط بين الجنسين في المنتديات واللقاءات العامة، والمرابحة التي تزاولها بعض البنوك في الغرب، والتأمين، ومعاش التقاعد، واستفادة الجمعيات الخيرية من فوائد البنوك.- كما عهد المجلس إلى بعض أعضائه بمعالجة بعض المشكلات الأسرية التي وردت إليه من خلال الاتصال المباشر بأصحابها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق