بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 23 أبريل 2011

التأمين التكافلـي


ما هو التامين التكافلي ؟
التأمين التكافلي هو نظام تكافلي لا يقوم على مبدأ الربح كأساس ، بل يهدف الى تفتيت اجزاء المخاطر و توزيعها على مجموعة المشتركين ( المؤمن لهم ) عن طريق التعويض الذي يدفع الى المشترك المتضرر من مجموعة حصيلة اشتراكاتهم ، بدلا من ان يبقى الضرر على عاتق المتضرر بمفرده ، و ذلك طبقا لنظام الشركة و الشروط التي تتضمنها وثائق التامين و بما لا يتعارض مع احكام الشريعة الاسلامية .

ما هو عقد التامين التكافلي ؟ عقد التامين التكافل هو عقد تبرع بين مجموعة من المشتركي يلتقون من خلال نظام الشركة في تعويض المشترك عن الاضرار الفعلية التي تنجم عن وقوع الخطر المؤمن عليه و ذلك وفقا لنظام الشركة و القواعد التي تتضمنها وثائق التامين



هل التامين التكافلي ملزم شرعيا ؟ أفتت هيئة الفتوى التابعة لوزارة الأوقاف أن التامين التكافلي ملزم شرعا في حالة الرغبة بعمل التامين الا عندما لا يتوفر التامين التكافلي

الفرق بين التأمين التكافلي و التأمين التجاري ؟ 1- العمل تحت اشراف هيئة للفتوى و الرقابة الشرعية لضمان تجسيد المباديْ الشرعية السامية في حقل التامين التكافلي ، تقوم هيئة دائمة للفتوى و الرقابة الشرعية بالرقابة على جميع الاعمال لضمان عدم تعارضها مع احكام الشريعة الاسلامية ، و تكون قرارات هذه الهيئة ملزمة

2- الفصل بين اموال المشتركين و المساهمين

في شركة وثاق للتأمين التكافلي يتم الفصل بين أموال المشتركين ( المؤمن لهم ) و أموال المساهمين ( الشركة ) و ذلك من خلال تخصيص حسابات منفصلة لكل منهم .

و في حالة وجود عجز نتيجة النشاط التأميني فانه يتم تغطية هذا العجز عن طريق قرض حسن من راس مال الشركة ( حساب المساهمين ) على أن يتم سداد هذا القرض من الفائض التأميني المتحقق في السنوات المقبلة .

3- توزيع الفائض التأميني على المشتركين استنادا الى مبدأ التكافل ، تمتاز شركة التامين التكافلي بتوزيع الفائض التأميني المتحقق من عمليات التامين على المشتركين بعد خصم حصة مقابل المصروفات الادارية الازمة و خصم المخصصات و الاحتياطيات .

التأمين التكافلي بقلم المراقب الشرعي
التكافل في اللغة مشتق من مادة كَفَلَ ، وتعني العجز ، أي مؤخرة الشيء الذي تحميه ، والعرب تقول كِِِفْل لكساء يدار حول سنام البعير ليحفظ راكب الدابة من خلفه كي لا يقع ، والكافل : العائل ، لأنه مصدر حماية لمن يعول ، قال تعالى : ( وكفّلها زكريا [1]) وقال صلى الله عليه وسلم : " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا " وأشار بالسبابة والوسطى وفرّج بينهما [2] ، أي العائل لليتيم المربي له ، أو الضامن نفقته ، لأن الكافل تعني أيضا الضامن ، كما قال تعالى في وصف حال الملائكة الأبرار : ( إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم [3] ) أي يضمن معيشتها ، ويُقال كَفَلَ الرجل : أي ضمنه في دَيّنٍ أو غيره



والمعاني السامية للتكافل يقررها ويدعوا إليها صريح القرآن والسنة النبوية الشريفة ، ففي القرآن الكريم نقرأ قوله تعالى : وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعانوا على الإثم والعدوان [4]، ومن السنة النبوية المطهرة قوله صلى الله عليه وسلم : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " [5] ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " [6] ، ولاشك أن كل الناس يحبون لأنفسهم نعمة الأمن والأمان التي لا تتأتى إلا بالتعاون والتكافل
ومن الأحاديث النبوية الشريفة التي تدعوا وتحث وتحض على التكافل ، ماروي عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الأشعريين[7] إذا أرملوا [8] في الغزو ، أو قلّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية ، فهم مني وأنا منهم ( رواه البخاري ومسلم )

ومعنى الحديث الشريف أن الأشعريين كانوا إذا قلّ زادهم وطعامهم سواء بالمدينة أو أثناء الغزو والسفر يجمعوا ما عندهم من طعام ويخلطونه كأنه مالٌ واحدٌ ، ويجتمعوا عليه جميعهم كأنـهم رجل واحد يتناولونه ويأكلون منه كل حسب حاجته ، فيُعم الخير على الجميع ، ويأمنوا من خطر الجوع

فهذه صورة من صور التكافل يُؤمّْنُ بـها الأشعريـين أنفسهم ضد خطر الجوع ، ومن شدة رُقـيّـها وسُموّها وتماشيها مع الروح الإسلامية والفطرة الإنسانية ، أحبها النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحبّ فاعليها لتعاونـهم وتكافلهم وتراحمهم حتى أنه صلى الله عليه وسلم وصلهم بنفسه الشريفة فقال : " فهم مني وأنا منهم " ، وكلمة " مَنْ " تفيد الاتصالية كما هو مقرر في قواعد اللغة العربية ، وهذا يعني أن فـعلهم من الإسلام ، كما قال الإمام النووي تعليقا على قوله صلى الله عليه وسلم " فهم مني وأنا منهم " : معناه المبالغة في اتحاد طريقهما واتفاقهما في طاعة الله تعالى

وهذه الصورة من صور التكافل يُسميه العلماء الـنَـهْد ، وهو إخراج الجماعة نفقاتـهم على قدر عددهم ، وخلطها عند المرافقة في السفر ، وقد يكون في الحضر أيضا كما قال الإمام البخاري راوي الحديث : ولم يَرَ المسلمون في النهد بأسا ، بأن يأكل هذا بعضاً وهذا بعضاً مُجازفة

ومُجازفة تعني : يقتسمون كلاّ بقدر حاجته من دون تعيين وإن كان أكثر مما ساهم به ، نظرا لإباحتهم طعامهم بعضهم لبعض ومواساتـهم بالموجود



وهذه الصورة الجميلة التي تعكس فطرة بشرية سليمة هي الأساس الذي قامت عليه شركة التأمين التكافلي الذي يهدف إلى تكافل مجموعة من الناس لمواجهة أخطارا محتملة ، وتوزيع ما يترتب عليها من أضرر عند وقوعها على مجموعهم بدلا من أن تبقى على عاتق المتضرر بمفرده ، مما يُخفف من حدة المخاطر ويُحد من آثارها والتي غالبا ما تكون أكبر من أن تستوعبها إمكانية الفرد

إذن فالتكافل هو تفاعل يتضمن قيام كفالة متبادلة بين مجموعة من الأفراد ( أو المؤسسات والشركات ) في العسر واليسر ، على تحقيق مصلحة ، أو دفع مضرة ، وفي حال التكافل لا يكون لأحد فضل على الآخر ، ذلك أن العبء موزع على الجميع ، كما أن الفائدة منه عائدة علي جميعهم
فالتأمين التكافلي يهدف في المقام الأول إلى ترسيخ قِيم جليلة كالتعاون والتكـافل والتراحم ، والمبدأ التكافلي في التأمين لا يقوم على مبدأ الربح كأساس ، بل على مواجهة المخاطر والتخفيف من آثارها ، لذا فإن العملية التأمينية بحسب نظام التأمين التكافلي تختلف اختلافا جذريا عن التأمين التجاري

[1] سورة آل عمران ، الآية رقم 37



[2] رواه البخاري

[3] سورة آل عمران ، الآية رقم 44

[4] سورة المائدة ، الآ ية رقم 2

[5] رواه البخاري

[6] رواه البخاري [7] نسبة إلى قبيلة من اليمن

[8] من الإرمال ، وهو فناء الطعام والزاد ، وأصله من الرمل ـ التراب ـ كأنـهم لصقوا بالرمل من شدة الفقر والقلّة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق